تعنبر منطقة اقا مركزا للنقوش الصخرية باقليم طاطا وعليه سنعمل علي تقديم دراسة مقتضبة في موضوع الفن الصخري المنقوش بمنطقة اقا الكبرى اي
الجماعات القروية الثلاث- جماعة سيدي عبد الله بن
مبارك، جماعة تيزوتين، جماعة ايت وابلي- والجماعة الحضرية لاقا على إعتبار أن هذه المنطقة تحتضن كما هائلا من
النقوش الصخرية، هذا ما جعلنا نتحمس للخوض في هذا الموضوع، لكنه قبل ذلك سنتطرق لبعض النقاط التي يمكن أن نخلص إليها فيما
يلي:

أ-الصعوبات التي تعترض طريق الباحث في هذا الموضوع:

- قلة المصادر المكتوبة عن النقوش الصخرية، فإن أغلب
ماكتب عن منطقتنا عبارة عن كتابات أجنبية نشطت أساسا خلال عقد الثلاثينيات من
القرن الماضي، وذلك بفضل الجولات التي قام بها
الباحثون في هذه المنطقة. أما الباحثون المغاربة فكتاباتهم في هذا الموضوع فهي قليلة .

- صعوبة الوصول الى بعض المواقع خاصة تلك الموجودة بعيدا
نظرا لشساعة المنطقة المدروسة ،مما يتطلب تكاليف مادية وجهد كبيرين ،ورغم كل هذا
فإننا قمنا بزيارة بعض المواقع وجمعنا ما في وسعنا من مقالات.

ب - مواضيع النقوش الصخرية:

إن مواضيع النقوش الصخرية في منطقة أقا تشبه في خطوطها
العريضة مثيلاتها في باقي المواقع الاقليمية[1]للنقوش
الصخرية. حيث تشتمل على صور الحيونات وصور أخرى كرموز منها ما هو مفهوم وما هو
مبهم:

· الحيونات:

تحتل الحيونات مرتبة الصدارة في الصور المنقوشة بمنطقة
أقا بصنفيها الأليف والمتوحش، وهذه الحيونات مقسمة الى عدة
فصائل كبرى، وكل فصيلة تضم فصائل اخرى ثانوية وهي كما يلي:

- فصيلة البقريات:

هذه الفصيلة الكبرى تضم أنواعا
ثانوية متنوعة فهناك الظباء والتي تضم بدورها أصناف متعددة منها الغزلان. و النوع الثانوي
من فصيلة البقريات هو اللأبقار والممثلة أساسا في نقوش منطقة أقا بالثور والجاموس،
حسب ما هو معروف الى حد الأن وهنا نذكر بالخصوص موقع "أدْرَارْ أَمْ
تْكُورِينْ"، إلا أن النوع الثانوي الأخير لفصيلة البقريات هو المعزيات
المعروف محليا بإسم" أوداد" ولكنه يصعب تمييزه في النقوش.

- فصيلة الزرافات:

هذا الصنف الحيواني قليل أيضا
في نقوش الجنوب المغربي خاصة منطقة أقا غير أنه قد عثرنا على إحدى اللوحات
المنقوشة تمثل رسم الزرافة بموقع" تيونزوين بأم العلق."

- فصيلة الكلبيات [2]

تضم بالأساس الكلب وإبن آوى
والثعلب والصنفان الأولان هما الأكثر حضورا في مواقع النقوش الصخرية المتواجدة
بمنطقة أقا.

- الطيور:

الأنواع الحاضرة منها في
النقوش الصخرية هي النعامة التي تكون أحيانا على شكل قطيع، والحبارى الكبيرة التي
يصل إرتفاعها احيانا الى 110 سنتمتر.

· الإنسان:

إن صور الإنسان في النقوش
الصخرية لمنطقة أقا قليلة بالمقارنة مع الصورالأخرى، وهي صغيرة الحجم مابين 10 و
20 سنتم، إذ توجد هذه الصور غالبا في موقع "تامْكَرْتْ إيسَرْدان" بجماعة
سيدي عبد الله بن مبارك بأقا ثم موقع " مْعَرْدَة بِإم العَلْقْ". إلا أن الملاحظة التي يمكن أن
نشير إليها هي ندرة صور بشرية تشير إلى الجنس البشري، وخاصة الجنس النسوي في المنطقة
المدروسة، إلا أن هناك نموذج واحد صغير في موقع "ام تكورين"

· الرموز

بالنسبة للرموز فهي كثيرة
ومتنوعة ، فهناك الأشكال الحلزونية والدوائر و المعينات، بالإضافة إلى الأشكال التعبانية والخطوط المنعرجة، المتاهات،
النعال، ومن بين الرموز أيضا هناك بعض النقوش بالحروف الأمازيغية – تيفيناغ- إلا
انها قليلة.

ج – طرق التأريخ للنقوش
الصخرية:

يتفق جل الباحثين على إن التأريخ للنقوش الصخرية وكذا
الرسوم المنقوشة في المغرب وإفريقيا عامة يبدو صعبا جدا، بالمقارنة مع مثيلاتها
الأوربية حيث الفن الصخري المنقوش يوجد أساسا داخل الكهوف التي كان الإنسان القديم
يسكنها أحيانا، والمشكل المطروح في منطقة أقا أن النقوش الصخرية لا علاقة لها في
الغالب بالمواقع الأركيولوجية . وأمام هذا المشكل تتعدد طرق محاولة تأريخ النقوش
ومنها:

- الإعتماد على مقارنة الأشياء المصورة مع مثيلاتها في
الواقع إن وجدت مثل الأدوات النحاسية والبرونزية والأسلحة المعدنية المنقوشة.

- الإعتماد على أنواع الأساليب التي نقشت بها هذه الصور
، أي صور النقوش الصخرية،حيث إن الأسلوب الأول والقديم هو النوع الذي نعته
المختصون بالأسلوب الطبيعي والذي يعكس قوة الملاحظة، ثم الأسلوب النصف طبيعي حيث
نجد بعض التراجع مقارنة مع الأول واخيرا الأسلوب الإرتسامي الرمزي أو التجريدي الأكثر
تدهورا إذ أصبح النقش هجينا ومائلا الى البساطة.[3]

-
الإعتماد على أنواع المواضيع
المنقوشة وربطها بالفترات التاريخية التي تميزها.[4]

د- مواقع النقوش الصخرية المتواجدة بالمنطقة:

إن مواقع النقوش الصخرية التي تندرج ضمن المجال الجغرافي
لمنطقة أقا. عبارة عن تجمعات صخرية ذات أحجام مختلفة تحمل رسوما أو نقوشا أنجزها
عليها إنسان ما قبل التاريخ بواسطة أدوات حادة مصنوعة أساسا من الحجارة وذلك في
فترة تاريخية قد تعود الى 5000 سنة قبل الميلاد، منها نقوش تمثل رسوم حيونات عاشت
بالمنطقة ثم نقوشا تمثل شكل إنسان أو أداة أو خطوط هندسية مختلفة، كما يمكن إعتبار
هذه المواقع تندرج ضمن أكبر
التجمعات للنقوش الصخرية بالمغرب ومتاحف كذلك في الهواء الطلق بما تضمنه من ثرات حضاري متميز يمكن إستغلاله
في مشاريع تنموية و سياحية، إذ تعبر كذلك عن الحركة البشرية الواسعة التي شهدتها
منطقة أقا منذ أزيد من سبعة آلاف سنة، إلا انه فغالبية نقوش المنطقة ذات طابع
حيواني، ومن حيث العدد، فإقليم طاطا بصفة عامة يحتوي على 123 موقعا ومنطقة أقا
بصفة خاصة تحتوي على 15 موقعا و11 موقعا تابعة للجماعة القروية الثلاث – جماعة
سيدي عبد الله بن مبارك، جماعة تيزونين، جماعة أيت وابلي- بالإضافة ألى مواقع
النقوش الصخرية سنتطرق إلى مواقع أخرى تعود هي الأخرى لفترة ما قبل التاريخ غالبا
ما تتواجد على مقربة من مواقع النقوش الصخرية، يتعلق الأمر بمواقع في الهواء
الطلق، تضم قطعا خزفية وأدوات حجرية مثل السكاكين ورؤوس الرماح والسهام، وللمزيد
من التعميق في هذا الموضوع عملنا على تصنيف المواقع الصخرية المتواجدة بأقا
والجماعات القروية الثلاث .
من
خلال هذا الجدول سنتطرق إلى نموذجين من
المواقع الصخرية المنقوشة الأول يثمتل في موقع ام العلق التابع لبلدية أقا،
والثاني تابع للجماعة القروية لسيدي عبد الله بن مبارك وهو موقع أدرار نمتنكورين:

1-موقع أم العلق:

يتواجد
هذا الموقع على بعد سبعة كيلومترات من الجهة الجنوبية الشرقية لبلدية أقا وبالقرب
من مدشر أم العلق وهذا الموقع بحدذاته يضم موقعان وهما موقع كارة ثم موقع
تيونزوين، وهي عبارة عن ثلاثة جبال تزخر بالعديد من النقوش الصخرية التي تشكل
اسلوب Tazina[5] المتميز بالنسيج وتقنية الصقل المعدني، إلا
أن هذه الجبال تحتوي على العديد من اللوحات الفنية التي تحمل صور حيونات متنوعة
على الهواء الطلق، ويتجاوز عدد النقوش في هذا الموقع أربعين نقشا صخريا. وتمثل
رسوم الظباء نسبة كبيرة من الرسوم
المنقوشة، أما النسبة الباقية تمثل رسوم الأبقار والفيلة و الزرافات ووحيدات القرن
والغزلان.

من
حيث الموقع الجغرافي يقع أدرار نمتكورين على مسافة 20 كيلومتر شمال غرب أقا،
وهذا الموقع تابع لجماعة سيدي عبد الله بن مبارك وهو عبارة عن جبل صغير تفصله
مسيلات مائية حديثة من الجهة الجنوبية عن باقي الجبال المجاورة، كما تتواجد على
أطرافه الجنوبية بقايا بناية تاريخية قديمة وفي الجهة الشمالية تتمركز مجموعة من
النقوش الصخرية، ويصل عدد اللوحات الصخرية المنقوشة بهذا الموقع إلى أزيد من عشرين
لوحة من الرسوم المنقوشة إذ تمثل فيها رسوم الأبقار نسبة هامة والرسوم المتبقية
تحمل رسوم الظباء.

3 -مواقع أثرية أخرى :

هذه
المواقع تتواجد بمحاذاة مواقع النقوش الصخرية، وتحتوي على مجموعة من الأدوات
المصنوعة أساسا من الحجارة، صنعها إنسان ماقبل التاريخ. يتعلق الأمر هنا بمواقع
توجد في الهواء الطلق تضم قطعا خزفية وأدوات حجرية نذكر من بينها موقع أم العلق
ببلدية أقا وموقع ادرار أم تكورين بجماعات سيدي عبد الله بن مبارك الأقاوي. ثم
مواقع أخرى تتواجد بمقربة من تامدولت وخاصة جبل العدانة.

إن
هذا الثرات الصخري المنقوش بأكمله له أهمية بالغة تكمن في تجسيدها لبراعةالإنسان
القديم في مجال النقش الصخري وتصويرها لبيئة إقليم طاطا بصفة عامة ومنطقة أقا خاصة،
وذلك خلال العصور الحجرية .

إلا
أن هذا الموروث يتعرض للعديد من المخاطر، منها الكسر والسرقة سواء من طرف الأهالي
والرعاة او من طرف السياح، كما نجد غياب ظروف الصيانة الضرورية بسبب قساوة المناخ
السائد في المنطقة والذي يتميز بالفوارق الحرارية الكبيرة بين الليل والنهار
والشتاء والصيف التي تؤذي الى إنكسار الصخور المنقوشة.